[size=24]
توبة الله على " آدم "
و لم يكن اخراج " آدم " من الجنة عقوبة له . لان الله الهمه التوبة فتاب . فتاب الله عليه . و قد حكي القرآن الكريم ذلك قائلا
{ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أؤلئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة : 37 - 39
و كانت الكلمات التى تلقاها فيما يرويها بعض العلماء
( اللهم لا اله الا انت . سبحانك و بحمدك
رب انى ظلمت نفسى . فاغفر لى . انك خير الراحمين
اللهم لا اله الا انت . سبحانك و بحمدك
رب انى ظلمت نفسى فتب علي انك انت التواب الرحيم )
" آدم " يكدح فى الأرض
و نظر " آدم " فوجد نفسه وحيدا مسئولا عن قوته بعد ان كان كل شيئ فى الجنة امامه حاضرا دون ان يطلب
فاخذ يفكر فى طعامه و شرابه و لباسه . فألهمه الله كيف يعمل و كيف يجد و كيف يزرع و يحصد و كيف يجمع الثمار و يجز الصوف و ينسج الثياب
كان الله قد زوده عند هبوطه من الجنة بصرة فيها حبوب . و بقضبان من أشجار الجنة
كانت الحبوب هى حبوب القمح . و كانت القضبان تجمع أصناف الثمار كالجوز . و اللوز . و البندق . و الفستق . و الموز . و الخوخ . و المشمش . و الرطب . و النبق و غيرها
فزرع " آدم " البذور و القضبان . فنبت الزرع و نمت الأشجار و ازدهر المكان
و كان " آدم " طويلا فائق الطول . يقدر طوله بستين ذراعا
و قيل ان الله أهبط اليه حبريل يعلمه كيف يزرع فزرع . و أعطاه ثورا أحمر يحرث عليه الأرض . و كان يمسح العرق عن جبينه من شدة الارهاق و التعب
و استوى الزرع . فحصد و درس
ثم نقى القمح و طحنه ثم عجن و خبز . كل ذلك يعلمه جبريل عليه السلام
و ياقل حين زرع " آدم " نبت الزرع فى الحال . و ظهر سنبله و أدرك القمح من يومه . فعلمه جبريل كيف يحصد . و درس و ذرى فى الهواء
و اشتد الجوع " بآدم " . فقال لجبريل : آكل ؟
قال جبريل : اصبر ثم قطع حجرين من الجبل . فجعلهما رحى فطحن بهما القمح
فلما صار دقيقا قال " آدم " لجبريل : آكل ؟
فقال له جبريل : اصبر . ثم علمه كيف يعجن فعجن . و كيف يخبز فخبز
فلما نضج الخبز . قال " آدم " لجبريل : هل آكل ؟
فقال له : اصبر ، حتى تغرب الشمس ، فيتم لك صوم يوم كامل .
فكان " آدم " أول من صام في الارض.
وهكذا كان رزق " آدم " يأتيه بعد كدح وتعب ، وكان الله قد حذره ذلك حين كان في الجنة قال له : { يا آدم ان هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشفى } .
والشقاء هو الهم والسعي والتعب والمشقة في تحصيل الرزق ، وقد توارث بنو " آدم " عن ابيهم " آدم " هذا السعي في سبيل الرزق ، وخير الرزق ما كان من كسب الانان وجده وعمل يده .
" آدم " يبحث عن " حواء " :
عرفنا مما سبق أن " آدم " هبط في بلاد الهند ، وحواء هبطت في جدة .
وبينهما مسافات شاسعة . وهو لا يعلم مكانها وهي لا تعلم مكانه .
وفي يوم سأل " آدم " جبريل : هل " حواء " على قيد الحياة ؟
فقال له جبريل : نعم ، وهي أصلح حالا منك ، انها على ساحل البحر تصطاد الاسماك وتأكلها ..
قال " آدم " : اني رأيتها في منامي الليلة .
قال جبريل - عليه السلام - ابشر ، فما أراك الله اياها الا لقرب الاجتماع بها .
وكان الله قد أوحى الى " آدم " : يا " آدم " ان لى حرما تجاه عرشي .فأذهب اليه وطف به كما تطوف الملائكة حول العرش ، وصل عنده كما تصلي الملائكة عند عرشي .
وكان الله قد أنزل ياقوته من يواقيت الجنة ، ووضعها موضع البيت على قدر الكعبة ، لها بابان ، وفيها قناديل من نور ..
فانطلق " آدم " من أرض الهند متجها الى مكة حيث يوجد هذا البيت ، وبعث الله معه ملكا يرشده في طريقه اليه .
فكان كل موضع يضع " آدم " قدمه فيه يعمر ، ويصبح مدينة عامرة ، وكل مكان يتخطاه يكون قفرا .
حتى وصل الى عرفات .
وكانت " حواء " قد اتجهت الى هذا المكان تاركة ( جدة ) وفي عرفات تعارفا ، فسمي هذا المكان ( عرفة ) لذلك ... ومن عرفات توجها معا الى ( منى ) .
وسمى هذا المكان ( منى ) لانه قيل " لآدم " فيه : تمن . فقال : أتمنى المغفرة والرحمة . فغفر الله لهما ذنبهما ورحمهما وأكد توبتهما فسمى المكان ( منى ) لأن المنى تحققت فيه .
وبعد أن حج " آدم " و " حواء " البيت وطافا به وصليا عنده اتجها معا الى الهند حيث كان يقيم " آدم " .
[/size]